مقالات

سوء استخدام المضادات الحيوية والكوكسيديستات في المجال البيطري.. ما هي البدائل؟

كتب الأستاذ الدكتور عمرو عبد العزيز السيد، أستاذ الأمراض المعدية بكلية الطب البيطري، بجامعة القاهرة، والذي يشغل حاليًا مدير قسم الأبحاث والتطوير بشركة لايف سيركل السويسرية، والذي تم اختياره في العام الماضي بواسطة جامعة ستانفورد في قائمة أفضل 2% من العلماء علي مستوي العالم، مقالًا عن سوء استخدام المضادات الحيوية والكوكسيديستات في المجال البيطري، وجاء نص المقال كالآتي:

منذ أربعينيات القرن الماضي، استُخدمت الجرعات دون العلاجية من المضادات الحيوية والكوكسيديستات كمحفزات للنمو، حيث يكتسب العجول وزنًا إضافيًا يزيد عن 100 كجم عند تغذيتها بالمضادات الحيوية المحفزة للنمو، في الولايات المتحدة الأمريكية، تلقى 88% من الخنازير محفزات نمو تعتمد على المضادات الحيوية قبل حظرها كمضافات علفية، كما يحصل 10% و42% من العجول السليمة على المضادات الحيوية بشكل منتظم لمنع ظهور أعراض تنفسية أو للسيطرة على خراجات الكبد، على التوالي، وتُضاف الكوكسيديستات بانتظام كمحفزات للنمو في من مزارع الأبقار في الولايات المتحدة و82.7% من قطعان الحملان السليمة في النرويج،فهذا الاستخدام المفرط يساهم في تعزيز مقاومة الممرضات لهذه المركبات.
الكوكسيديوسيس هو مرض معوي معدٍ وخطير يمكن أن يكون قاتلاً للعجول حديثة الولادة، ويسبب خسائر اقتصادية مباشرة تُقدّر بحوالي 400 مليون دولار أمريكي سنويًا في مزارع الأبقار و3 مليارات دولار في مزارع الدواجن على مستوى العالم. وإلى جانب عدوى الإيميريا (الكوكسيديوسيس)، فإن المجترات الصغيرة عُرضة أيضًا للإصابة بأمراض أولية أخرى مثل الكريبتوسبوريديوسيس الناتجة عن أنواع مختلفة من الكريبتوسبوريديوم.
وتتراوح نسبة الإصابة بطفيليات الكريبتوسبوريديوم بين العجول غير المفطومة في إفريقيا من 16.5% في تنزانيا إلى 34% في زامبيا.
ومع ذلك، فإن حتى الحالات اللاعرضية من الكوكسيديوسيس، الكريبتوسبوريديوسيس، والجيارديات تعاني من انخفاض في الإنتاجية لاحقًا بسبب التلف الدائم وضمور الزغابات المعوية، مما يضعف امتصاص المغذيات..
تعتمد فكرة استخدام الجرعات دون العلاجية من المضادات الحيوية أو الكوكسيديستات في الأعلاف على تعديل ميكروبيوم الأمعاء ومنع استعمار البكتيريا الممرضة للأمعاء، مما يقي من الالتهاب وفقدان الوظيفة المعوية الجزئي الناتج عنه. كما أنها تقلل من تطور التهاب الكرش وخراجات الكبد في العجول المسمّنة، الناتجة عن تخمّر الكربوهيدرات العالية في العلف أو انتقال مسببات الأمراض المعوية إلى الكبد عبر الدورة البابية نتيجة لتسرب الأمعاء. إلا أن الأدلة المتراكمة تربط بين سوء استخدام هذه المستحضرات، وبقاياها في الغذاء، ومخاطر صحية خطيرة، منها تطور المقاومة وفقدان فعاليتها العلاجية عند استخدامها للعلاج. وتشمل المخاطر على الصحة العامة أيضًا إفرازها مباشرة في الغذاء البشري (مثل الحليب أو اللحوم أو البيض)، بالإضافة إلى طرح بقايا المضادات الحيوية في السماد مما يلوث البيئة.
حاليًا، يُحظر استخدام المضادات الحيوية وغيرها من محفزات النمو مثل الهرمونات والمنشطات البنائية كمحفزات نمو في عدة دول، مما يستدعي تطوير بدائل طبيعية وآمنة لتعزيز نمو الحيوانات.
المنتجات النباتية تُعد من أكثر البدائل الواعدة كمحفزات للنمو. تحتوي هذه المنتجات التجارية إما على مستخلصات عشبية تضم عددًا قليلاً من المركبات النباتية النشطة (حسب طريقة الاستخلاص) أو على أجزاء كاملة من النبات ليستفيد الحيوان من كافة المستقلبات الثانوية الموجودة في الأعشاب. وتختلف فعالية هذه المنتجات حسب تركيبها، ومدى التآزر أو التعارض بين مكوناتها المختلفة، وخبرة التحضير.
من بين هذه المنتجات التجارية المتوفرة هو هيرب ال كوكس (من شركة Life Circle Nutrition AG، سويسرا). وعلى الرغم من أن المنتج صُمم أساسًا للسيطرة على الكوكسيديوسيس في الحيوانات المزرعية، إلا أنه يُظهر فعالية عالية في السيطرة على أمراض أولية معوية أخرى مثل الهيستومونيازيس في الديوك الرومية والدواجن، أو الكريبتوسبوريديوسيس في العجول المسمّنة.
في دراسة مقارنة أُجريت في سويسرا على 100 عجل ذكر، تم تدعيم العلف إما بـ هيرب ال كوكس أو أوكسي تتراسيكلين، وتم مقارنة أداء العجول في كلا المجموعتين. أظهرت البيانات المسجلة زيادة ملحوظة في معدلات النمو اليومية في مجموعة هيرب ال كوكس مقارنةً بالعجول المعالجة بالمضادات الحيوية بنسبة (52.9%).
وعند الفحص العشوائي للعجول للكشف عن الكريبتوسبوريديوسيس، لم تُسجل أية حالات إيجابية في مجموعة هيرب ال كوكس، على عكس المجموعة الأخرى التي سُجلت فيها حالات متفرقة. وبالمثل، لم تُصب أي من العجول التي تناولت هيرب ال كوكس بفيروسات الروتا أو الكورونا، على عكس مجموعة الضبط، مما يدعم تقارير سابقة تؤكد أن تعزيز القدرة الدفاعية للحيوان عند تناول هيرب ال كوكس يمتد ليشمل الأمراض الفيروسية الخطيرة التي تصيب العجول الصغيرة.
ويمكن تفسير ذلك بسهولة، حيث أن إدخال المضادات الحيوية إلى العلف يقتل ليس فقط البكتيريا الممرضة ولكن أيضًا البكتيريا المفيدة والفلورا المعوية التي تلعب دورًا أساسيًا في الهضم وتوازن البيئة المعوية، خاصةً لدى المجترات. علاوة على ذلك، فإن المنتجات العشبية مثل هيرب ال كوكس غنية بالمركبات النباتية التي تعمل كمضادات أكسدة ومنشطات مناعية، مما يؤدي إلى نمو صحي وسريع للحيوانات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى