الثروة الحيوانية.. فكر ووقاية
د. محمد مصباح
المدير الفني لمعهد بحوث الصحة الحيوانية بالمنصورة
دائما، و أبدا الحديث عن تطوير الإنتاج الحيواني وزيادة أعداد رؤوس الماشية هو حديث كل زمان ومكان، و هذا أمر يتدبره كل حصيف ينظر إلي المستقبل ويمعن التخطيط لأجيال تلو أجيال. فإن بناء المستقبل يبدأ من الحاضر بخبرة الماضي سواء خبرات سلبية أو إيجابية.
فكن علي يقين عزيزي القارئ، أن بلدنا الحبيبة مصر هي بلد زراعي . هذا ماضينا ألا تتذكر قول الصديق يوسف عليه السلام و هو يخاطب عزيز مصر بأن يجعله علي خزائن الأرض، ألا تتذكر السبع سنين العجاف والسبع الخصاب.
لذا فإن الحديث المطول عن الزراعة و الإنتاج الحيواني سيظل مستمرا لمناقشة السلبيات وإبراز الإيجابيات للبحث عن التطوير باستخدام التكنولوجيا الحديثة والأبحاث العلمية التطبيقية التي تواكب مخططات الدولة المصرية لتنمية الاستدامة في قطاع الإنتاج الحيواني بزيادة أعداد رؤوس الماشية لزيادة نصيب الفرد من البروتين 87.6% كجم للفرد سنويا منها 10.8 كجم من اللحوم الحمراء فقط و 12.7 كجم من الدجاج و الباقي من الألبان والأسماك و غيرها.
و لكن بالطبيعة المصرية تظل اللحوم الحمراء هي سيدة الطعام رغم الارتفاع الرهيب في الأسعار مقارنة بمتوسط دخل الفرد ، فتظل العملية الحسابية في غاية التعقيد بين السعي الدؤوب لرفع متوسط استهلاك الفرد من البروتين الحيواني والارتفاع غير المنضبط للأسعار ، والأخطر و الأدهى الزيادة السكانية المستمرة ، فنحن نزيد طفل كل 19 ثانية علي أرض مصر، وحسب تقارير منظمة الأغذية والزراعة التي تؤكد علي النمو السكاني في مصر في خلال الثلاثة عقود القادمة إلي 65% مع زيادة استهلاك الألبان ومنتجاتها إلي 300% وزيادة استهلاك اللحوم بنسبة 80% بحلول عام 2030 وتزداد إلى 200% بحلول 2050 .
إذا لابد أن يكون هناك حلول خلاقة مبتكرة تعتمد علي دراسات علمية تلائم بيئتنا المصرية بالأخص في ظل تلك التغييرات المناخية والتحديات الاقتصادية وشراسة الأمراض الوبائية التي تهدد النمو الطبيعي لأعداد رؤوس الماشية ، ومن ثم يعزف الكثير من المربين عن مسلسل التربية و الإنتاج. ومن خلال منصتنا فإن الاهتمام بتربية الأغنام و زيادة أعدادها أحد الحلول الاستراتيجية لمجابهة الفجوة الغذائية، فالأغنام تتأقلم سريعا مع التغييرات المناخية وقدرتها التناسلية في الانجاب أعلى من الأبقار والجاموس (3 ولدات في السنتين) بالإضافة إلي معدل استهلاكها في الأعلاف أقل بكثير من الأبقار و الجاموس و مكونتها وقدرتها المناعية لمجابهة الأمراض الوبائية.
ولرفع مستوى الإنتاج الحيواني في مصر لابد من التحرك علي محوريين:
أ- التوسع الرأسي:
-وذلك بتحسين الصفات الوراثية لحيوانات المزرعة لرفع كفاءتها الإنتاجية وكذلك ضرورة رفع مستويات الرعاية والتغذية لتحسين الظروف البيئية التي تعيشها هذه الحيوانات.
– التنبيه علي زيادة استخدام التلقيح الاصطناعي لزيادة التحسين الوراثي للسلالات المحلية سواء أبقار، جاموس، أغنام.
ب-التوسع الأفقي: وذلك بزيادة أعداد الأبقار و الجاموس و الأغنام وتوسيع في رقعة الأراضي الزراعية الصحراوية والعناية بتحسين الخدمات البيطرية والتي تحافظ على حياة الحيوان وتساعده على إعطاء المزيد من الإنتاج.
ومن ثم هناك خطوط عريضة لوضع أسس التوسع الرأسي والتوسع الأفقي:
- تربية أجيال جديدة من طلاب كليات الطب البيطري علي وعي كامل وخبرة عملية بكيفية التعامل مع الأزمات وخلق سبل جديدة لتطوير منظومة الإنتاج الحيواني.
- العمل المتواصل علي زيادة كفاءة الأطباء البيطريين العلمية و العملية.
- زيادة مراكز التلقيح الصناعي: فالتلقيح الاصطناعي أحد الوسائل التي تستخدمها الدولة حاليا ممثلة في وزارة الزراعة لتحسين سلالات الماشية من الأبقار والجاموس؛ لرفع إنتاجيتها سواء من اللحوم أو الألبان.
- إنشاء مراكز لتجميع الألبان
ويهدف مشروع مراكز تجميع الألبان إلى:
- زيادة فرص العمل لخريجي كليات الطب البيطري والزراعة و تقليل نسبة البطالة
- زيادة الرعاية الصحية للماشية والوصول للتعداد الحقيقي للثروة الحيوانية
- العمل على تقديم حلول عمليه لرفع جوده الألبان المنتجة لدى صغار المربين من خلال تطوير عمل نقاط ومراكز تجميع الألبان بمواصفات قياسيه للحفاظ على جودة اللبن.
- رفع كفاءة عمليات النقل لمراكز التجميع ومنها للمصانع وكذلك المعاملات التي تتم داخل مراكز التجميع وبالتالي رفع جودة الالبان التي يتم توريدها للمصانع ثم المستهلك النهائي في حاله مرضية.
- تصريف انتاج اللبن بسعر مربح للمربي مما يعود عليه بالربح مما يشجعهم على زيادة انتاجهم من اللبن سواء بزيادة ما يمتلكوه من الماشية بتحسين نسلها لزيادة إدرارها للبن وهذا يؤدى لزيادة الدخل
- تؤدى هذه المراكز خدمة لمصانع الألبان لتجميع اللبن لها وإعداده بكيفية تصل معها إلى مصانعها في حالة جيدة وبهذا تحصل مصانع الألبان على كفايتها من اللبن.
- زيادة إنتاج مصر من الألبان ومشتقاته، حتى نحقق أقصى استفادة من إنتاج هذا القطاع الذى يصل إلى 7 ملايين طن سنوياً.
- وضع منظومة قانونية جديدة تناسب الوضع الوبائي الجديد للأمراض.
- زيادة سبل التعاون بين الكليات و المعاهد البحثية و الهيئة العامة للخدمات البيطرية تحت مظلة النقابة العامة لتطوير الأداء المهني بأسلوب علمي متطور وجديد.
- العمل علي تطبيق الأبحاث العلمية التي تفيد التطبيق الحقلي لتطوير منظومة الإنتاج الحيواني.
- تطوير التصنيع المحلي للحصول علي تحصينات محلية ذات كفاءة عالية قادرة علي حماية الثروة الحيوانية.
- المراقبة المستمرة للحيوانات المحصنة للتأكد من كفاءة و قوة التحصين.
- التوعية المستمرة للمربين و رفع المستوي العلمي لسهولة تطبيق ما هو جديد.