الذكاء الاصطناعي يقود ثورة في قطاع الثروة الحيوانية: خفض للتكاليف وتعزيز للاستدامة
كتب-محمد أشرف
يشهد قطاع الثروة الحيوانية عالميًا وعربيًا موجة تحول غير مسبوقة مع دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي بقوة إلى هذا المجال الحيوي. ويؤكد المهندس شحاته السيد، الرئيس التنفيذي لشركة OSH للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ش.ذ.م.م، أن السنوات القادمة ستشهد اعتمادًا متزايدًا على أنظمة تحليل البيانات والتعلم الآلي، ما سيتيح التنبؤ بالإنتاجية، متابعة صحة الحيوانات لحظيًا، وإدارة الموارد بكفاءة أعلى.
ويرى أ.شحاته السيد أن دور الذكاء الاصطناعي لن يقتصر على تحسين معدلات الإنتاج فقط، بل سيمتد ليشمل تعزيز الاستدامة البيئية وتقليل البصمة الكربونية لعمليات التربية.
التحديات والحلول
أبرز التحديات التي تواجه المزارعين ومربي الماشية تتمثل في ارتفاع تكاليف الأعلاف، صعوبة التنبؤ بالاحتياجات الغذائية، وانتشار الأمراض. وهنا يقدم الذكاء الاصطناعي حلولًا عملية مثل أنظمة التنبؤ بالطلب على الأعلاف، أدوات الكشف المبكر عن الأمراض، وأنظمة إدارة المزارع الذكية التي تقلل الاعتماد على التدخل البشري المباشر.
خفض التكاليف وزيادة الأرباح
يشير السيد إلى أن الذكاء الاصطناعي قادر على تقليل تكاليف الإنتاج وزيادة الأرباح بشكل ملموس، من خلال تحسين كفاءة التغذية، ترشيد استهلاك الطاقة والمياه، وتقليل معدلات النفوق بفضل أنظمة المراقبة الذكية.
تطبيقات عملية في صحة الحيوان
تتعدد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال البيطري، ومنها:
- استخدام الكاميرات المزودة بخوارزميات الرؤية الحاسوبية لمراقبة سلوك الحيوانات.
- تحليل الأصوات والتنفس للكشف عن أمراض الجهاز التنفسي.
- أجهزة استشعار تقيس الحرارة، معدل ضربات القلب، والنشاط البدني.
- أنظمة تحليل بيانات للتنبؤ بانتشار العدوى واقتراح خطط علاجية سريعة.
تجارب عالمية ناجحة
في أوروبا والولايات المتحدة، أثبتت التجارب العملية نجاح الكاميرات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في مراقبة الأبقار ورصد أنماط الأكل والنوم والحركة. أما في الصين، فقد تم توظيف حساسات وكاميرات متصلة بأنظمة ذكية لمتابعة سلوك الدواجن والتدخل المبكر عند ظهور أي خلل، مما ساهم في تقليل معدلات النفوق ورفع الكفاءة الإنتاجية.
تقليل الفاقد وتحقيق التوازن
بحسب بعض الدراسات، يمكن للذكاء الاصطناعي تقليل الفاقد بنسبة تصل إلى 20-30% عبر التنبؤ الدقيق بالاحتياجات الغذائية والبيئية، إلى جانب الكشف المبكر عن الأمراض.
أما عن التوازن بين التكنولوجيا الحديثة والأساليب التقليدية، فيرى السيد أن الحل يكمن في الدمج التدريجي بين الخبرة الإنسانية والأدوات الذكية، بحيث تظل خبرة المزارع حجر الأساس بينما تقدم التكنولوجيا بيانات دقيقة وتوصيات علمية داعمة.
ويضيف د.أحمد صديق أستاذ بكلية الهندسة جامعة حلوان ،أن الذكاء الاصطناعي سيساهم بشكل مباشر في رفع كفاءة الإنتاج من خلال إدارة التغذية والموارد بشكل أكثر دقة، ومتابعة صحة الحيوانات لحظيًا عبر أجهزة الاستشعار، والتنبؤ بالأمراض قبل ظهورها وانتشارها، فضلًا عن تعزيز الاستدامة عبر تقليل استهلاك المياه والعلف وخفض الانبعاثات.
أما أبرز التحديات التي يواجهها المزارعون ومربو الماشية، فيوضح صديق أنها تتمثل في الأمراض المفاجئة، ارتفاع التكاليف، نقص العمالة الماهرة، والتغيرات المناخية. وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في تقديم حلول عملية، مثل التحذير المبكر من الأمراض عبر تحليل المؤشرات الحيوية، وتحسين استهلاك الموارد لتقليل النفقات، وإدارة بعض المهام بشكل آلي كالمراقبة والتغذية، إضافة إلى التنبؤ بتأثيرات المناخ على الحيوانات.
وعن جدوى هذه التقنيات اقتصاديًا، يشير صديق إلى أن الذكاء الاصطناعي يساعد على تقليل تكاليف الإنتاج وزيادة الأرباح عبر إدارة التغذية الذكية، والكشف المبكر عن الأمراض، وتحسين عمليات التكاثر من خلال اختيار أفضل الأمهات والآباء، فضلًا عن الاعتماد على الأتمتة والروبوتات لتقليل تكلفة العمالة اليدوية.
وفيما يخص التطبيقات العملية لمتابعة صحة الحيوان، لفت صديق إلى أن هناك استخدامات متقدمة مثل الكاميرات الحرارية لرصد ارتفاع درجة الحرارة، وتحليل الأصوات لاكتشاف السعال أو ضيق التنفس، والأطواق أو الشرائح الإلكترونية لقياس النشاط وضربات القلب والحركة، إلى جانب أنظمة تحليل البيانات القادرة على التنبؤ بالعدوى أو النقص الغذائي.
كما أشار إلى وجود تجارب ناجحة عالميًا، مثل الأنظمة الأوروبية التي تراقب سلوك الأبقار في الأكل والنوم والحركة للكشف المبكر عن أي مشكلات صحية، وكذلك الكاميرات في مزارع الدواجن التي تتابع كثافة الحركة لاكتشاف الإجهاد أو الأمراض، إضافة إلى أنظمة طورتها شركات تعتمد على الرؤية الحاسوبية لمتابعة الماشية بدقة.
ويؤكد صديق أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا مهمًا في تقليل الفاقد والحد من النفوق من خلال التنبؤ المبكر بالأمراض، والتدخل الفوري عند حدوث أي خلل، وتحسين ظروف البيئة داخل المزارع بما يشمل التهوية، الحرارة، والإضاءة، فضلًا عن الأنظمة الذكية الخاصة بإدارة الولادة التي تساعد على إنقاذ صغار الحيوانات.
ويختم حديثه بالتأكيد على أهمية إيجاد توازن بين التكنولوجيا الحديثة والأساليب التقليدية، بحيث يتم النظر إلى الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة لا كبديل كامل، مع دمج البيانات الحديثة بخبرة المربين التقليدية، وتطبيق التكنولوجيا تدريجيًا وفق إمكانات كل مزرعة، مع الحفاظ على بعض الممارسات المتوارثة التي تعكس الرفق بالحيوان والعادات المحلية.