الحرير المصري على خارطة التوطين.. ودعم كامل من الدولة والمجتمع العلمي
كتب-محمد أشرف
في إطار توجه الدولة المصرية نحو إحياء الصناعات التراثية وتعظيم القيمة المضافة للموارد المحلية، تشهد صناعة الحرير الطبيعي حراكًا كبيرًا خلال الفترة الحالية، ضمن استراتيجية قومية يقودها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، لتوطين هذه الصناعة في عدد من المحافظات،سوهاج -قنا-الوادي الجديد ، بما يسهم في توفير فرص عمل، وزيادة الإنتاج، وتحسين جودة المنتج المحلي.
وقال الدكتور محمود سعد، رئيس قسم بحوث صناعة الحرير بمعهد بحوث وقاية النباتات التابع لمركز البحوث الزراعية “لهواها بيطري”، إن الدولة أولت اهتمامًا بالغًا بتوطين صناعة الحرير، من خلال إطلاق مشروعات متكاملة تشمل الجانبين الزراعي والصناعي، مع التركيز على تعظيم الاستفادة من شجرة التوت كمصدر أساسي لتربية دودة القز.
وأكد الدكتور سعد أن الخطة القومية لإحياء صناعة الحرير تستهدف تقليص الفجوة في الإنتاج المحلي، خاصة في ظل وجود مساحات شاسعة قابلة للاستزراع في عدد من المحافظات مثل سوهاج، وقنا، والوادي الجديد، موضحًا أن المشروع يتضمن زراعة فدان توت في الأراضي الزراعية الصالحة، وهو ما يوفر فرص عمل حقيقية للشباب والفلاحين.
وأشار إلى أن المشروع يحظى بدعم ورعاية من الحكومة المصرية، فضلًا عن توفير بيئة استثمارية مناسبة للقطاع الخاص، مما شجع عددًا من المستثمرين على الدخول في هذا المجال، سواء في زراعة التوت أو في المراحل الصناعية المرتبطة بإنتاج الحرير.
وأوضح رئيس قسم بحوث صناعة الحرير أن الجهود المبذولة حاليًا لا تقتصر على الجانب الزراعي فقط، بل تشمل أيضًا تطوير الشق الصناعي، من خلال خلط ألياف الحرير بألياف أخرى لرفع القيمة المضافة، إلى جانب استخدامه في صناعات متعددة مثل مستحضرات التجميل، وأعلاف الحيوانات، مما يفتح آفاقًا جديدة لهذه الصناعة.
كما كشف عن تنفيذ دورات تدريبية لشرائح كبيرة من المجتمع المصري، تشمل الطلبة حديثي التخرج، والمزارعين، والمستثمرين، والمرأة، وكل من له اهتمام بإقامة مشروعات إنتاج الحرير.
ونظم معهد بحوث وقاية النباتات دورة تدريبية يومي 21 و22 يوليو، تناولت محاور عدة، منها: زراعة التوت كغذاء لدودة القز، وإنشاء المشاتل، وتربية يرقات الأعمار الصغيرة والكبيرة، وأهم الأمراض التي تصيب دودة القز وطرق مكافحتها والوقاية منها، والحصول على الحرير الطبيعي، وذلك لتأهيل الكوادر المهتمة بإقامة المشروع بما يحقق دخلًا مستدامًا، خاصة للفئات الأكثر احتياجًا في القرى.
وشدد الدكتور محمود سعد على أهمية تعزيز التعاون بين الجهات البحثية والوزارات المعنية والمجتمع المدني، لضمان استدامة المشروع، وتحقيق أقصى استفادة اقتصادية واجتماعية منه، خاصة في ظل زيادة الطلب العالمي على الحرير الطبيعي.
كما أوضح أن الدولة تسعى لتوطين الصناعة من خلال عقد اجتماعات مكثفة مع الجهات المختصة، لمناقشة سبل تطوير منظومة الإنتاج والتسويق، وضمان جودة المنتج النهائي، بما يواكب المعايير الدولية.
ولفت إلى أن هناك فرصًا واعدة أمام الشباب والمرأة الريفية للمشاركة في هذا المشروع، خاصة أن صناعة الحرير لا تتطلب رأس مال كبير، ويمكن تنفيذها في مشروعات صغيرة ومتوسطة، تدر دخلًا مستدامًا للأسر الريفية.
وأكد الدكتور سعد أن مشروع توطين صناعة الحرير يأتي ضمن رؤية شاملة لتحديث قطاع الزراعة والريف المصري، وتحقيق التنمية الاقتصادية من خلال دمج البحث العلمي بالواقع الميداني، بما يسهم في تحقيق طفرة حقيقية في هذا القطاع الواعد.
وفي ختام تصريحاته، دعا رئيس قسم بحوث صناعة الحرير الجهات الإعلامية إلى تسليط الضوء على هذه الجهود، والتوعية بأهمية المشروع في دعم الاقتصاد الوطني، والحفاظ على تراث مصري أصيل ظل مهملًا لسنوات طويلة.