«الزراعة الحيوانية المستدامة» ركيزة الأمن الغذائي ومفتاح التنمية الريفية
كتب-محمد أشرف

تُعد الثروة الحيوانية من الركائز الأساسية للاقتصاد المصري، إذ تلعب دورًا محوريًا في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير مصادر البروتين الحيواني من اللحوم والألبان، فضلًا عن مساهمتها في خلق فرص عمل ريفية وتحسين دخول الأسر الزراعية.
غير أن هذا القطاع الحيوي، الذي يمثل أحد أعمدة الزراعة المستدامة، يواجه تحديات متراكمة تتطلب رؤية شاملة واستراتيجية وطنية متكاملة للنهوض به.
تحديات تواجه الإنتاج الحيواني
يُعاني قطاع الإنتاج الحيواني من محدودية الأراضي الزراعية وغياب نظم دقيقة لتسجيل وترقيم الحيوانات، إلى جانب ضعف منظومة مكافحة الأمراض الوبائية.
كما أدى ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية والأعلاف إلى زيادة أعباء المربين، ما انعكس سلبًا على حجم الإنتاج المحلي.
ويُضاف إلى ذلك تأثير التغيرات المناخية التي تسببت في ارتفاع درجات الحرارة وتراجع إنتاجية الماشية وتدهور المراعي الطبيعية، فضلًا عن انخفاض أعداد المجترات بنسبة 50% عام 2022 مقارنة بعام 2017 — وهي إشارة واضحة إلى خطر يهدد التوازن الإنتاجي والغذائي في البلاد.
حلول عملية لتحقيق الزراعة الحيوانية المستدامة
يرى الأستاذ الدكتور جمال سلومة، أستاذ الإنتاج الحيواني بجامعة سوهاج، أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تبني حلول واقعية قابلة للتطبيق ترتكز على حسن استغلال الموارد المائية والأرضية، ووضع دورة زراعية مرنة تضم المحاصيل العلفية ذات القيمة الإنتاجية العالية.
كما شدد على أهمية اختيار أصناف المحاصيل المنتجة للمخلفات العلفية مثل التبن، خاصة مع ارتفاع سعره إلى نحو 8 آلاف جنيه للطن، وهو ما يشكل عبئًا كبيرًا على المربين.
دعم السلالات المحلية والرعاية البيطرية
دعا الدكتور سلومة إلى الاهتمام بالسلالات المحلية المتأقلمة مع البيئة المصرية وتحسينها وراثيًا، مع تعزيز برامج التحصين والرعاية البيطرية المجانية للمربين من خلال إنشاء وحدات بيطرية متنقلة مدعومة حكوميًا.
كما أشار إلى أهمية تنفيذ توجيهات القيادة السياسية بتسهيل الحصول على قروض تنموية لمشروعات الثروة الحيوانية، ودعم إنشاء مزارع صغيرة ومتوسطة لتوفير اللبن واللحوم المحلية لمجمعات الألبان الحديثة.
الجامعات ومراكز البحوث.. شريك أساسي في التنمية
أكد الدكتور سلومة في تصريحات خاصة لـ «هواها بيطري» أن الجامعات ومراكز البحوث الزراعية والبيطرية تمثل شريكًا أساسيًا في تنمية القطاع الحيواني، مشيرًا إلى ضرورة قيامها بما يلي:
رصد المشكلات التي تواجه الإنتاج الحيواني في كل إقليم ووضع الحلول البحثية المناسبة.
تقديم الاستشارات الفنية المجانية للمربين ضمن أنشطة خدمة المجتمع.
تنظيم ندوات توعوية وقوافل بيطرية بشكل دوري.
البحث عن بدائل محلية للأعلاف اعتمادًا على المخلفات الزراعية والمحاصيل المتاحة بكل محافظة.
وضع خطط للتكيف مع التغيرات المناخية من خلال تصميم الحظائر المناسبة وتدريب المربين على إدارة الحيوانات أثناء فترات الحرارة المرتفعة.
دعم البحث العلمي والطب البيطري
شدد الخبير على أن البحث العلمي هو حجر الأساس لتطوير الثروة الحيوانية، مؤكدًا ضرورة توفير ميزانيات كافية للمراكز البحثية، وتطوير المعامل المرجعية داخل الجامعات، وتدريب الفرق البحثية في مؤسسات علمية عالمية متقدمة.
كما طالب بالاهتمام الكامل بـ الطب البيطري لمواجهة الأمراض الوبائية العابرة للحدود مثل الحمى القلاعية، التي تمثل خطرًا مباشرًا على الإنتاج القومي.
أهمية الإرشاد الزراعي والبيطري
واختتم الدكتور جمال سلومة حديثه بالتأكيد على أن غياب الإرشاد الزراعي والبيطري في الجمعيات والوحدات المحلية يمثل حلقة مفقودة بين وزارة الزراعة والمربين، مما يؤدي إلى ضعف الإنتاج وزيادة الخسائر.
ولذلك دعا إلى إعادة تفعيل دور الإرشاد الزراعي والبيطري كجسر للتواصل بين صانع القرار والعالم والمربي، وصولًا إلى تنمية حقيقية ومستدامة للثروة الحيوانية في مصر.



