استقرار أسعار الذهب في مصر رغم هبوط عالمي حاد
كتب-محمد اشرف
شهدت أسعار الذهب في السوق المصري، اليوم السبت 28 يونيو 2025، حالة من الاستقرار النسبي، وذلك عقب موجة تراجع حادة أمس الجمعة تجاوزت 50 جنيهًا للجرام، متأثرة بالانخفاض الكبير في الأسعار العالمية، والتي كسرت حاجزًا نفسيًا مهمًا عند 3300 دولار للأونصة.
وسجل سعر جرام الذهب عيار 24 في مصر اليوم نحو 5257 جنيهًا، بينما بلغ سعر جرام الذهب عيار 21 – وهو الأكثر تداولًا في السوق المحلية – نحو 4650 جنيهًا، في حين استقر سعر جرام الذهب عيار 18 عند 3942 جنيهًا. أما سعر الجنيه الذهب فقد سجل نحو 36,800 جنيه.
وتأتي هذه التطورات في وقت يواصل فيه الدولار الأمريكي تراجعه لليوم الخامس على التوالي أمام سلة من العملات العالمية، وهو ما كان من المفترض أن يدعم أسعار الذهب عالميًا نظرًا للعلاقة العكسية بين الذهب والدولار. إلا أن الأسواق خالفت التوقعات، واتجهت إلى موجة بيع للذهب مدفوعة بعزوف المستثمرين عن الأصول الآمنة.
ويعكس الأداء الضعيف للذهب عالميًا تحوّل شهية المستثمرين نحو الأصول ذات العوائد الأعلى والمخاطر الأكبر، مثل الأسهم والعملات الرقمية، في ظل تحسن مؤشرات الاقتصاد العالمي، وانحسار المخاوف الجيوسياسية التي لطالما دعمت الذهب خلال الأشهر الماضية.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، ساهم دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران والكيان الصهيوني حيز التنفيذ منذ يوم الثلاثاء الماضي، في تهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط. وقد رحب الطرفان بالاتفاق الذي أنهى 12 يومًا من التصعيد العسكري، الأمر الذي عزز حالة من الهدوء النسبي في الأسواق العالمية، وخفف من الإقبال على الذهب كملاذ آمن.
وفي السياق ذاته، ساهم التقدم المحرز في ملف التجارة بين الولايات المتحدة والصين في تعزيز الثقة لدى المستثمرين، حيث أعلن مسؤول أميركي، يوم الخميس الماضي، عن التوصل إلى اتفاق مع الجانب الصيني بشأن تسريع شحنات المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة، في خطوة تُعد مؤشرًا قويًا على تقارب اقتصادي بين القوتين العالميتين.
ويرى خبراء أسواق المال أن هذه العوامل مجتمعة ضغطت على أسعار الذهب، إذ لم يعد هناك دافع قوي يدفع المستثمرين إلى التحوّط عبر الذهب، خاصة مع غياب التوترات الجيوسياسية أو الاقتصادية الحادة، وهو ما يُفسّر الهبوط العنيف في الأسعار العالمية خلال الساعات الماضية.
وأضافوا أن المستثمرين استغلوا نهاية الأسبوع للتقليل من حيازاتهم من الذهب، وفضلوا تحويل السيولة نحو أدوات مالية أكثر مخاطرة، مثل الأسهم والصناديق المتداولة، لا سيما مع تراجع المخاوف بشأن أي أحداث مفاجئة قد تعكر صفو الأسواق خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ويتوقع محللون أن تستمر حالة التقلب في أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، لا سيما مع ترقّب الأسواق لمجموعة من البيانات الاقتصادية الأميركية المهمة، وعلى رأسها تقرير التضخم الشهري، الذي قد يؤثر بشكل مباشر في توجهات السياسة النقدية للفيدرالي الأميركي خلال اجتماعه القادم.
ورغم هذا الانخفاض، لا يزال الذهب يُعد خيارًا استثماريًا طويل الأجل لدى بعض المستثمرين، خاصة في ظل استمرار حالة عدم اليقين العالمي بشأن مسار أسعار الفائدة، وتوجهات الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من عام 2025.