أخبار وتقارير

مصر تطلق مشاورات استراتيجية وطنية للاقتصاد الدائري بمشاركة وزارية ودولية واسعة

كتب-محمد أشرف

افتتحت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، الجلسة التشاورية للقطاعات المشاركة في إعداد الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الدائري، بحضور عدد من الشخصيات الدولية والوطنية البارزة، من بينهم كيرستين ديجي، رئيسة مشروع البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة “EU Green – GIZ”، وكوين راديمكرز، رئيس مؤسسة ACEN، والدكتور علي أبو سنة، الرئيس التنفيذي لجهاز شؤون البيئة، وياسر عبد الله، الرئيس التنفيذي لجهاز تنظيم إدارة المخلفات، إلى جانب ممثلين عن عدد من الوزارات المعنية وخبراء البيئة والقطاع الخاص ورواد الأعمال.
وفي كلمتها، أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد أن مصر خاضت تجربة ملهمة في تطبيق مفاهيم الاقتصاد الدائري، أثمرت عن تراكم للخبرات وقصص نجاح عديدة ودروس مستفادة، مشيرة إلى أن الاستراتيجية الوطنية لا تقتصر على قطاع المخلفات، وإنما تشمل ثمانية قطاعات واعدة، من بينها: الزراعة، الصناعة، السياحة، البناء والتشييد، النسيج، الكيماويات، البلاستيك، والمخلفات.

وأضافت الوزيرة أن الجلسة تهدف إلى تكوين مجموعات عمل تضم مختلف أصحاب المصلحة، للعمل على تصميم نماذج تطبيقية للاقتصاد الدائري تتناسب مع طبيعة كل قطاع. كما شددت على أن الدولة المصرية، بقيادة الرئيس والحكومة، أولت اهتمامًا كبيرًا خلال السنوات العشر الماضية بدمج البعد البيئي في التنمية الاقتصادية، لتحقيق نمو مستدام يضمن استدامة الموارد للأجيال المقبلة.


أوضحت وزيرة البيئة أن تطبيق الاقتصاد الدائري يختلف من قطاع لآخر، بل ويختلف داخليًا داخل نفس القطاع. ففي قطاع المخلفات، يختلف نموذج المخلفات البلدية عن الزراعية. كما استعرضت نماذج ناجحة، منها إعادة استخدام المياه والطاقة في الصناعة، وإعادة تدوير الزجاجات البلاستيكية بمشاركة صغار الصيادين، بالإضافة إلى تجربة ترخيص مصانع تدوير المخلفات الإلكترونية، وإعادة استخدام مخلفات البناء والتشييد، وسلطت الضوء على مبادرة “Waste to Good Taste” بالتعاون مع بنك الكساء المصري، والتي أُطلقت خلال مؤتمر المناخ COP27، وتستهدف إعادة استخدام الأقمشة والملابس القديمة بطرق مبتكرة.

وأكدت على أهمية تضمين هذه النجاحات في الاستراتيجية الوطنية، مع تصميم خارطة طريق واضحة تراعي خصوصية كل قطاع، وتضع آليات تنفيذ تتكامل مع الجهود المؤسسية، بما يشمل بناء القدرات الوطنية، إشراك القطاع المصرفي، وتعزيز البحث العلمي، بما يضمن تنفيذ الاستراتيجية بشكل فعال. كما أعربت عن أملها في أن تخرج مصر باستراتيجية وطنية رائدة للاقتصاد الدائري، تليق بمكانة الدولة، ويمكن عرضها كنموذج للدول العربية والأفريقية.

من جانبه، أكد الدكتور علي أبو سنة أهمية التنسيق بين مختلف الجهات لصياغة استراتيجية واضحة تشمل خطة عمل فعالة، مشددًا على أن التحول للاقتصاد الدائري أصبح ضرورة فرضتها التحديات الاقتصادية العالمية، وأشار إلى أن الوزارة جمعت العديد من الدراسات حول مختلف القطاعات، وتسعى حاليًا للاستفادة منها ضمن الاستراتيجية الوطنية، التي لن تكون مجرد وثيقة فنية، بل خطة قابلة للتنفيذ تدعم مستقبلًا اقتصاديًا متكاملًا يرتكز على حماية البيئة والتنمية المستدامة.

فقد أشار ياسر عبد الله إلى الجهود التي بذلتها الدولة لتطوير منظومة المخلفات، وتحويلها من تحدٍ بيئي إلى فرصة استثمارية واعدة، خاصة في ظل توليد مصر لأكثر من 100 مليون طن من المخلفات سنويًا. وأضاف أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في البنية التحتية للمخلفات، من خلال إنشاء مصانع التدوير، والمدافن الصحية، والمحطات
الوسيطة، وعقود التشغيل مع القطاع الخاص، إلى جانب معالجة المخلفات الزراعية وتحقيق عوائد اقتصادية منها.
وأكدت المهندسة سماح صالح، رئيس وحدة التنمية المستدامة، أهمية انعقاد هذه الجلسات التشاورية للخروج باستراتيجية شاملة للاقتصاد الدائري، مشيدة بالجهود المبذولة من قبل وزيرة البيئة وفريق الإعداد. وأشارت إلى أن الاقتصاد الدائري يعد من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة، لما له من دور في تقليل الفاقد، والحد من التلوث، وخلق فرص عمل خضراء، وتعزيز التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون.

استعرض كوين راديمكرز، رئيس مؤسسة ACEN، ملامح إعداد الاستراتيجية الوطنية، مؤكدًا أهمية وضع إطار حاكم ولجنة تسيير وطنية تضم الجهات المعنية، مع ضرورة تحديد أدوات للقياس ورؤية استثمارية مستقبلية، مستفيدين من تجارب دول أفريقية مثل المغرب ونيجيريا وغانا. بدورها، أثنت الدكتورة سارة من مؤسسة ACEN على شمولية الطرح الذي قدمته وزيرة البيئة، مشيرة إلى أن الاقتصاد الدائري يتجاوز مفهوم التدوير، ليشمل تصميم منتجات لا تتحول لمخلفات من الأساس، بالإضافة إلى إطالة دورة حياة المنتج، وترشيد استخدام الموارد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى