كلام طيب “هل أنت مستعد؟”
م. عاطف سليمان
خبير تكنولوجيا وأمن المعلومات.. المدير التنفيذي لشركة IMS Corp
أعدتُ ترتيب أوراقي سريعًا، وكأنها لحظة امتحان أخيرة.. ركعت، وسجدت، وناجيت.. لم أسأل النجاة من “الجراحة” بقدر ما سألت الله القبول إن كانت هذه هي النهاية. وبينما كان جسدي يغيب تحت تأثير التخدير؛ كانت روحي تتعلق بالشهادة كمن يفتح بابًا لعالم آخر، ويهمس: هل ننتظر دائمًا جرس إنذار لنحاسب أنفسنا؟
اضطررت أن أخضع لعملية جراحية، ومع أنها كانت عملية بسيطة استغرقت بضع دقائق ومكثت بالمستشفى بضع ساعات، إلا أنها كانت تعني الكثير. أولا: كونها أول عملية وأول مرة أخضع للتخدير في حياتي.
ثانيا: كنت قلقا جدا من أن يكون بداخلي شيئ لا أعرفه وقد أخجل منه أن يظهر فيما يطلق عليه “خطرفة” ما بعد التخدير، ولكن لم يحدث أيا من هذا بحمد الله، وكان الأمر بالنسبة لي مجرد استيقاظ من نوم عميق بدون أحلام أو كوابيس؛ بل بدا الأمر ممتعا باهتمام أهلي و أحبابي والذين أحاطوني بالحب والاهتمام.
إلا أنه في صباح يوم الجراحة _لا أُخفي سرًا_ بأني كنت متوترا للغاية على عكس ما كان يظهر على وجهي أو أحاول أن أظهره لمن حولي، وظهر هذا التوتر جليا عند قياس ضغط الدم ما قبل الجراحة مباشرة؛ إذ كانت القراءة تعبر عن ضغط مرتفع، ما اضطر الممرض إلى قياسه ثلاث مرات للتأكد.
والحمد لله مر الموضوع بسلام وسلاسة.. ولكن؛ ما استوقفني خلال يوم الجراحة وقبل الذهاب إلى المستشفى، سؤال ألحّ عليّ، ماذا لو كانت هذه هي النهاية؟ هل أنا مستعد للقاء الله؟!
فوجدتني أحاول أن أخشع في الصلاة علّه يكون اليوم الأخير، وحاولت جاهدا أن انتهي من الفروض الخمس قبل الجراحة، ووفقني الله في ذلك، وأيضا أن أتلو سورة يس وأنا أتفوه بالشهادة قبل لحظة التخدير مباشرة.
لم تكن تلك الجراحة مجرد إجراء طبي بسيط، بل كانت نافذة صغيرة أطللت منها على معنى كبير – معنى الحياة والموت، واللقاء الذي لا مفر منه، ما بين دقات قلبي المتسارعة ومحاولاتي للتماسك، كان هناك سؤال يتردد صداه في داخلي: هل أنا مستعد؟
وأطلت الإجابة من داخلي؛ لابد من أن نضع أمام أعيننا دائما أن كل لحظة قد تكون الأخيرة.. فلنصلِّ صلاة مودع، ولنحيا حياة مودع، ولنحرص دوما على أن نتقي يوما نرجع فيه إلى الله.. اليوم الذي ستوفي فيه كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون، ولتكن وراء كل غفلة إفاقة حقيقية تذكرنا بالعودة إلى الله جل وعلا.