مقالات

خطورة لحوم الدواجن المباعة بالتجزئة على الصحة العامة

 د. محمد عبد الرازق محمود
باحث بكتريولوجي، معهد بحوث الصحة الحيوانية فرع المنصورة

لوحظ  في الآونة الأخيرة زيادة معدلات الإصابة بالإشريشيا القولونية المقاومة للعديد من المضادات الحيوية، وسهولة انتقالها للإنسان، وإصابته بعدوى الجهاز البولي نتيجة الانتقال من مصادر حيوانية مثل مذبوحات الطيور المباعة في التجزئة والمصابة أصلاً بهذا الميكروب.

وبالرغم من تواجد الإشريشيا القولونية كنوع من أنواع البكتيريا النافعة في أمعاء كلاً من الإنسان والحيوان، إلا أنه هناك بعض العترات منها والقادرة على إحداث العدوى في الطيور وانتقالها للإنسان.

وعلى عكس العديد من البكتيريا الأخرى المسببة للأمراض، يمكن للإشريشيا القولونية أن تسبب العدوى بأقل كمية من الميكروب، مما يجعلها توفر كل عوامل الضراوة في الميكروب والقادرة على إحداث العدوى في الإنسان والحيوان. لذلك، يعتقد العلماء بأن الدجاج أحد المستودعات المحتملة المسببة للأمراض لدى البشر نتيجة الإصابة ببكتيريا الإشريشيا كولاي.

التعريف بالميكروب

تم التعرف حتى الآن على ستة أنواع من الإشريشيا القولونية المسببة للأمراض، وتقسيم السلالات تم بناءً على طريقة حدوث المرض وهم  (EPEC – ETEC – EIEC – EHEC – EaggEC – DAEC). ومن بين كل سلالات الإشريشيا القولونية، تُعتبر (EPEC) من أهم العترات، والتي يمكن أن تنتقل من الإنسان للحيوان ومن الحيوان للإنسان، وبالأخص من مذبوحات الطيور الملوثة، والقادرة على إحداث عدوى في المسالك البولية والجهاز الهضمي للإنسان. وتزداد الأمور تعقيدًا عند وجود السلالات المقاومة للمضادات الحيوية، وخاصةً المقاومة لمضادات مركبات البيتالاكتام، وسهولة انتقال جين المقاومة بين السلالات لوجوده على الناقلات الجينية مثل البلازميدات، مما يساعد في انتقال تلك الجينات للإنسان.

كيفية حدوث الإصابة وانتقال العدوى

تتضمن المصادر المحتملة للتعرض للإصابة بهذا الميكروب:

  1. التعامل المباشر مع مذبوحات الطيور في محلات التجزئة والمطاعم وأيضا ربات البيوت.
  2. تعتبر الأطعمة الملوثة من أكثر الطرق الشائعة للإصابة بالإشريشيا القولونية، مثل لحوم الدواجن غير المطهية بشكل جيد وكل منتجاتها مثل اللانشون والبيض وغيرها.
  3. شرب الماء الملوث، حيث يتم ذلك من خلال تلوث مياه الشرب بمخلفات مزارع الدواجن والتي تكون حاملة لهذا الميكروب، ليصبح مصدرًا محتملاً لزيادة الإصابة عند البشر بهذا الميكروب.

وتزداد إصابة الإنسان بعدوى الجهاز البولي بسبب التعرض المستمر لتلك المصادر، ودخول الميكروب للجهاز الهضمي لدى الإنسان، ثم يهاجر داخلياً إلى المسالك البولية مسببًا العدوى.

التعريف بعدوى المسالك البولية لدى الإنسان

تعد عدوى المسالك البولية لدى الإنسان الأكثر شيوعًا وتتطلب علاجًا بالمضاد الحيوي، حيث تُعَتَبَرُ الأشريشيا القولونية المسبب الرئيسي لهذه العدوى بنسبة 85%، وتزداد نسبة الالتهابات مع التقدم في العمر وتُعَتَبَرُ أكثر انتشارًا في النساء.

تفاقم الأزمة

تكمن خطورة المشكلة في التحور المستمر للبكتيريا ومقاومتها للعديد من المضادات الحيوية المستخدمة على نطاق واسع في العالم، وذلك بسبب قدرة الميكروبات على التعرف على المضادات الحيوية ومقاومتها بأكثر من طريقة، وأهمها إفراز الميكروبات لإنزيمات البيتالاكتاماز الواسعة المجال والقادرة على مقاومة أحدث المضادات الحيوية المستخدمة في عائلة البيتالاكتامات، والتي تعد الأكثر استخداماً في المجالين البشري والبيطري.

يحدث هذا التحور على شكل طفرة جينية تلقائية أو اكتساب البكتيريا لجين مقاوم من نفس سلالتها أو حتى من سلالات أخرى، ومما قد يؤدي إلى تفاقم تلك الأزمة على مستوى عالمي.

يُعزى الاعتقاد بأن مذبوحات الطيور الملوثة تُعتبر أحد المصادر المحتملة المسببة لعدوى المسالك البولية لدى الإنسان إلى المشاركة الوراثية المشتركة بين العزلات البكتيرية من كل من الانسان والحيوان، والتي تظهر أنها تتقاسم نفس الخصائص الجينية والتوزيع في المجموعات، مما يُعطي احتمالية كبيرة لكون عزلات الأشريشيا القولونية المُستخرَجة من الدواجن أحد المصادر الممكنة لالتهابات المسالك البولية لدى الإنسان.

تزداد الأمور تعقيدًا بسبب التشخيص غير الدقيق للعدوى وغياب الإشراف الطبي الكامل على مربي الدواجن، وهو ما يؤدي إلى استخدام المضادات الحيوية بشكل عشوائي، مما يُؤدِّي إلى ظهور أجيال جديدة من البكتيريا وتكون لها مقاومة أكبر للمضادات الحيوية.

الخروج من الازمة او طرق الوقاية او حل المشكلة

الإشراف الطبي البيطري على جميع مزارع تربية الدواجن يُعَدُّ عاملًا رئيسيًا في حل المشكلة بشكل شامل، حيث يجب استخدام المضادات الحيوية بناءً على اختبارات الحساسية لتفادي تطوير المقاومة، واستخدام المضادات الحيوية المناسبة للقضاء الكامل على الجراثيم دون ترك بقايا تسبب إعادة الإصابة والانتكاسة مرة أخرى.

توجيه الاهتمام لضمان سلامة مياه الشرب وعدم تلوثها بنفايات المزارع، وهذا يتم من خلال الجهات المعنية المسؤولة عن هذا الأمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى