مقالات

خطورة التهوين من مخاطر الإجهاد الحراري على الإنتاج الحيواني والخصوبة

بقلم .. الاستاذ الدكتور عمرو عبد العزيز السيد – استاذ الامراض المعدية بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة – وحاليا مدير قسم الابحاث والتطوير بشركة لايف سيركل السويسرية – تم اختياره في العام الماضي بواسطة جامعة ستانفورد في قائمة أفضل ٢% من العلماء علي مستوي العالم

خلال العقود الماضية أصبح أستخدام مصطلح الإجهاد الحراري دارجاً و أصبح أكثر شيوعاً نتيجة الزيادة المستمرة في درجات الحرارة عالمياً. ينتج الإجهاد الحراري عادة عن مزيج من عدة عوامل مناخية بالأساس درجة الحرارة المحيطة والرطوبة وسرعة الرياح و درجة سطوع الشمس.

و على الرغم من أن  تأثير الإجهاد الحراري على الإنتاج الحيواني معروف جيدًا منذ عقود الا أنه عادةً ما يتم التقليل والتهوين من خطورته على الرغم من أن الأنخفاض الحادث في إنتاج الحليب وتناول العلف في أبقار الألبان بسبب الإجهاد الحراري قد يصل الي 27٪ و 30٪ على التوالي.

أما في قطاع تربية الدواجن فيؤثر الإجهاد الحراري على كمية إنتاج البيض و وزن البيضة و جودة القشرة كما يزيد من حجم النفوق في مزارع الدجاج مسبباً خسائر هائلة  للمربين. في أشهر الصيف الحارة يمكن أن يصل الأنخفاض في إنتاج البيض إلى 36٪ من الحجم الكلي. وعلاوة على ذلك، فإن الأنخفاض في وزن البيض و وزن القشرة و سمك القشرة قد يصل إلى 17٪ و 37.5٪ و 18.7٪ على التوالي. كما يقل أستهلاك العلف بنسبة 52٪.

في السنوات القليلة الماضية تم تسجيل درجات حرارة قياسية في العديد من البلدان في أيام الصيف شديدة الحرارة ونتيجة لذلك يقوم الطائر أو الحيوان بشكل عام بتغيرات سلوكية للتأقلم يكون لها مردود سلبي على الكفاءة الإنتاجية والمناعة والخصوبة و الأداء بوجه عام. كما يزيد الإجهاد الحراري من مخاطرالتهابات الضرع و بطانة الرحم و الظلف وقد ينتهي بالموت خاصة عندما يصاحبه أرتفاع في درجة الرطوبة بسبب فرط نفاذية القناة الهضمية ، الخلل في توازن الألكترولايتس بالجسم ، هبوط الدورة الدموية ، الأنهيار في وظائف الأعضاء ، تخثر الدم داخل الأوعية الدموية والخلل في أداء الجهاز المناعي.

نظرًا لتميز الحيوانات عالية الإنتاج بأن لديها نظام تمثيل غذائي أكفء من الموجود في الحيوانات منخفضة الإنتاجية ، فإنها عادة ما تكون أكثر حساسية تجاه الإجهاد الحراري عندما تتجاوز درجة الحرارة 20 إلى 25 درجة مئوية حسب النوع ولذا ومع الزيادة المطردة في درجات الحرارة عالميا فأنه من المتوقع أن تصل الخسائر السنوية العالمية في قطاع منتجات الألبان وحده من 14.89 إلى39.94 مليار دولار بنهاية القرن الحادي والعشرين.

من بين أبرز الأستراتيجيات الحالية للتعامل مع الإجهاد الحراري في حيوانات المزرعة زيادة إمدادات المياه للطيور مع أبقاء الحيوانات / الطيور غالية الثمن في حظائر مزودة بمكيفات الهواء/ جيدة التهوية.

ومع ذلك ، فأن هذه الأستراتيجيات تؤدي الي زيادة كبيرة في تكاليف التشغيل خصوصاً مع زيادة أسعارالطاقة و تنامي موجات الجفاف عالمياً خلال السنوات القليلة الماضية. علاوة علي ذلك يمكن أن تساعد بعض التغييرات في سياسات إدارة  المزرعة و نظام التغذية بغرض التكيف مع درجات الحرارة العالية الي تقليل الآثار السلبية علي الإنتاجية.

لوقت طويل أختلف المختصون عما إذا كان سبب الأنخفاض في الإنتاج الحيواني عائد فقط الي تقليل كميات العلف في الصيف بهدف تقليل الطاقة الناتجة عن النشاط الأيضي أو أنه يُعزى إلى مجموعة متداخلة من المسببات.

وترجع أهمية الأجابة علي هذا السؤال أنه إذا كان الأنخفاض في الإنتاجية يعزى فقط إلى الانخفاض في تناول العلف ، يمكن أن تحل المشكلة ببساطة بأضافة فاتح للشهية الي العليقة. و للإجابة على هذا السؤال ، قامت شركة لايف سيركل نيونريشن السويسرية بتجربة بسيطة في إحدى وحداتها البحثية علي مجموعة من أبقار الألبان والتي تم تقسيمها إلى مجموعتين فرعيتين. مجموعة تم أبقاءها في حظائرهم العادية و المجموعة الثانية تم نقلها الي حظائر مكيفة الهواء. أظهرت المجموعة الأولى أنخفاضًا واضحًا في حجم الحليب المنتج وأستهلاك العلف مقارنة بالمجموعة الثانية. تم تسجيل حجم الأنخفاض في أستهلاك العلف في المجموعة الأولي قبل إعادة مزج ومن ثم إعادة تقسيم المجموعات وتكرار التجربة مرة أخري مع تقليل كمية العلف المقدمة للمجموعتين بما يكافئ حجم الأستهلاك في الحظائر غير المكيفة في التجربة الأولي وتم مقارنة كمية الحليب الناتج في المجموعتين مع ثبات كمية العلف المقدمة للمجموعتين. أظهرت التجربة زيادة كمية الحليب للمجموعة التي تقطن الحظائر المكيفة الهواء مقارنة بالمجموعة الأخري برغم ثبات كمية العلف المقدمة الي كلا المجموعتين. مما يدل علي أن تقليل تناول العلف ليس السبب الوحيد  في خفض الإنتاجية و لكن يعزي أيضا ً الي المؤثرات الأخرى المرتبطة بزيادة درجة الحرارة (مثل الإجهاد التأكسدي وحموضة الكرش وأختلال الهرمونات)  و التي تلعب دوراً في خفض الأنتاج.

وبحساب كمية الانخفاض في الأنتاج وجد أن تقليل تناول العلف مسئول فقط عن 50% من نقص الحليب فيما تسبب العوامل الأخرى ال 50% الأخرى من الخسارة. دللت تلك النتائج أنه يمكن تحسين الإنتاج جزئياً من خلال  إضافة مضادات الأكسدة أو فواتح الشهية ولكن لن يكون ذلك كافياً بمفرده لتعويض كامل النقص في الأنتاج. مع أخذ هذه النقطة في الأعتبار ، قامت شركة شركة لايف سيركل نيونريشن السويسرية بتطوير منتج طبيعي جديد (هيرب آل كوول Herb-AllTMCOOL)ٍ يمكنه أعادة مستويات إنتاج الحليب الي مستوياتها الطبيعية في أبقار الألبان المعرضة للأجهاد الحراري.

أجريت تجارب ميدانية علي المنتج في إيطاليا (قيد النشر) تحت مؤشر درجة الحرارة والرطوبة (THI) تراوحت شدته بين 71,4 و 80 خلال فترة التجربة. أظهرت التجارب زيادة في كمية الحليب المنتجة بمقدار 3,21 كيلو يوميا لكل بقرة في المتوسط بما يعادل 8,7% زيادة في أنتاج القطيع وصاحب ذلك تحسناً واضحاَ في باقي المؤشرات الأنتاجية والتناسلية للقطيع مثل نسبة حدوث الألتهابات المرتبطة بالولادة و معدلات الحمل و الخصوبة في القطيع بوجه عام.

بسبب الزيادة المستمرة في درجات الحرارة عالمياً فمن المتوقع أن تكون الأثار السلبية للإجهاد الحراري أكثر وضوحًا على الإنتاج الحيواني في المستقبل القريب. لذا فمن الضروري زيادة الوعي بضرورة أستخدام الإضافات العلفية المعادلة للتأثيرات الضارة للاحتباس الحراري و كذلك الأهتمام بتطوير أستراتيجيات جديدة للتعامل مع الأوجة المختلفة للمشكلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى