مقالات

التفريخ الصناعي للأسماك.. حل واعد لتعزيز الإنتاج السمكي في مصر

 د.سمر عبد الحكيم الألفي – باحث أمراض الأسماك – معمل المنصورة الفرعي

يُعد الاستزراع السمكي ذا أهمية بالغة، خاصة مع الزيادة المستمرة في عدد السكان. لذا، كان من الضروري أن يؤمن القطاع السمكي غذاءً آمنًا، خصوصًا في الآونة الأخيرة بعد موجات ارتفاع الأسعار وارتفاع تكلفة الإنتاج الحيواني والمشاكل التي تواجه صناعة الدواجن.

لذا، تضافرت جهود الحكومة المصرية ممثلة في جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية والمعاهد البحثية المتخصصة للبحث عن سبل لتطوير قطاع الإنتاج السمكي لتعويض النقص من البروتين الحيواني، وذلك من خلال إنشاء مفرخات صناعية قادرة على إنتاج الزريعة معظم شهور السنة. لا سيما أن بروتين الأسماك ذو قيمة غذائية عالية، فهو سهل الهضم وغني بالكثير من المعادن مثل الكالسيوم والفوسفور والمغنيسيوم والفيتامينات، وكذلك الأحماض الدهنية غير المشبعة (الأوميجا 3) المهمة لصحة الجهاز العصبي.

وتعتبر الأسماك مصدرًا جيدًا للبروتين الحيواني في الدول النامية ذات الدخول المنخفضة، حيث تسد الأسماك حوالي 20% من النقص الغذائي في هذه الدول النامية، مقارنة بـ13% مساهمة الأسماك في سد النقص الغذائي في الدول المتقدمة.

وطبقًا لتقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن إنتاج الأسماك عالميًا قد ارتفع إلى 214 مليون طن سنة 2020. وكذلك ارتفع إنتاج مصر من الأسماك إلى 2 مليون طن، وبذلك احتلت مصر المرتبة السادسة عالميًا في إنتاج الأسماك.

ولكننا ما زلنا نأمل بأن يرتفع الإنتاج السمكي إلى الحد الذي يسمح لنا بالتصدير والذي يجلب العملة الصعبة، وذلك باستخدام التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج وزيادة أعداد المفرخات لزيادة أعداد الزريعة.

التفريخ الصناعي:

تعتمد هذه الطريقة على جمع البيض من الإناث البالغة وخلطه بالسائل المنوي من الذكور البالغة عن طريق المساج (جمع البيض أو السائل المنوي بالضغط على البطن في اتجاه الذيل)، وبهذا يتم إخصاب (تلقيح) البيض صناعيًا.

أهمية التفريخ الصناعي ودوره في إنتاج الأسماك:

تأتي أهمية التفريخ الصناعي للأسماك للحاجة الملحة للتوسع في الاستزراع السمكي، علاوة على تميز التفريخ الصناعي بالعديد من الخصائص عن مثيله الطبيعي والتي تجعل منه طريقًا مثاليًا في بعض الحالات، منها:

  • إمكانية الحصول على معدلات أعلى من الإخصاب والفقس نتيجة السيطرة على الظروف البيئية اللازمة لعمليات التفريخ.
  • إمكانية الحصول على زريعة الأسماك طوال السنة.
  • إمكانية إجراء عمليات تحسين للعديد من الصفات الوراثية غير المرغوب فيها.
  • في حالات عدم إمكانية التفريخ بالطرق الطبيعية كما هو الحال في أسماك الكارب الصيني (العاشب والفضي).
  • عدد زريعة الأسماك الناتجة من التفريخ الصناعي تفوق مثيلاتها الناتجة من التفريخ الطبيعي نظرًا لوجود الأعداء الطبيعية للأسماك أثناء فترة تفريخها الطبيعي.

مراحل التفريخ الصناعي:

أولًا: اختيار الأمهات (الإناث والذكور)

أساس نجاح عملية التفريخ الصناعي هو وجود أمهات مهيأة والتي يتوقع استجابتها لتقنيات التفريخ الصناعي.

ثانيًا: الحث الهرموني

تفرز الهرمونات المسؤولة عن نضج البويضات من الغدة النخامية، لذا يعتمد التفريخ الصناعي على زيادة نسبة هذه الهرمونات في الدم عن طريق الحقن بمستخلص الغدة النخامية، وتفضل الغدة النخامية لنفس نوع السمك المراد تفريخه.

طرق الحقن الهرموني لإتمام عملية التفريخ الصناعي:

يتم الحقن لأسماك القطيع لإتمام عملية التفريخ الصناعي بطريقتين:

  • الحقن في العضل: يتم الحقن في العضلة تحت الزعنفة الظهرية، وهذا متبع في كثير من الأسماك أثناء تفريخها صناعيًا مثل أسماك المبروك.
  • الحقن في الغشاء البروتيني: يتم الحقن في الغشاء البروتيني في منطقة البطن.

ثالثًا: تخدير الأسماك

حتى يمكن التحكم بسهولة في الأسماك أثناء التفريخ الصناعي، فإنه يفضل أن توضع هذه الأسماك في مراحل تفريخها الصناعي في محلول مخدر باستخدام أحد المواد المخدرة مثل مادة إم إس 222 بتركيز واحد جرام لكل 10 لتر. بعد تخدير الأسماك، لابد من وضع الأسماك المخدرة مباشرة في ماء نظيف لعدة ثوانٍ، وذلك لإزالة ما تبقى من أي مخدر على الخياشيم لتجنب تلف الخياشيم.

رابعًا: التزاوج

  • توضع في كل حوض عدد ثلاث إناث وخمسة ذكور، والأحواض معدة بحيث يتم التخلص من مياه الصرف في الحوض من أعلى وليس من أسفل للحفاظ على البيض.
  • تترك الأسماك في الحوض لمدة 18-24 ساعة إلى أن ينزل البيض ويتم إخصابه، ويستدل على ذلك بحدوث خيوط في الماء نتيجة لحركة الأسماك لإتمام هذه العملية. بعد التأكد من وضع البيض في الحوض، يتم إنزال عمود الماء في الحوض تدريجيًا ويتم إخراج الأسماك (الإناث والذكور).
  • ينتظر حوالي ساعة حتى يتم انتفاخ البيض المخصب نتيجة لنمو الجنين بداخله، وينصح بأن تكون درجة حرارة الماء في حدود 25 درجة مئوية، والأحواض مزودة بأجهزة لضخ الهواء للحفاظ على نسبة الأكسجين الذائب إلى الحد الأمثل.
  • بعد إتمام عملية تصريف الحوض تمامًا من الماء، يتم جمع البيض المخصب من على أرضية الحوض وذلك باستخدام جاروف صغير من البلاستيك، وبالاستعانة بأحد الأوراق الكرتون يتم جمع البيض المخصب كله في جردل ويغسل البيض المخصب باليد بالماء العادي (درجة حرارة 25)، وذلك لإزالة ما قد يوجد من عوالق ويسمى التلقيح الصناعي الرطب.
  • التلقيح الصناعي الجاف: عند ظهور علامات الهياج الجنسي على الأسماك المحقونة، يتم القبض على الذكور والإناث واستخدام التلقيح الصناعي الجاف، حيث يتم الإمساك بالإناث وتنشيفها من الماء جيدًا والإمساك بها بحيث يكون رأسها إلى أعلى وذيلها إلى أسفل، ثم نضغط على البطن بشكل خفيف من أعلى إلى أسفل، نستقبل البيض في إناء نظيف جاف تمامًا ونحصل على السائل المنوي من الذكور بنفس الطريقة أو بواسطة ماصة، ثم يضاف إلى البيض بمعدل (1 مل سائل منوي لكل 100 ألف بيضة)، ثم يمزج مع البيض جيدًا، ثم يضاف الماء مع استمرار التحريك لمدة دقيقة، ثم يغسل البيض عدة مرات بالماء قبل نقله لأحواض أو أسطوانات الفقس.

خامسًا: معاملة البيض

بعض أنواع الأسماك مثل المبروك العادي والقراميط يحتاج بيضها إلى معاملات خاصة للوصول إلى أعلى معدلات الإخصاب والفقس، حيث تحتوي الطبقة الخارجية له على مواد لاصقة، حيث بمجرد أن تضع الأنثى البيض في الطبيعة يلتصق البيض على الحشائش ويبقى لاصقًا إلى أن يفقس وتتحرر اليرقات، ولما كانت هذه النقطة عقبة في عملية التفريخ الصناعي لأسماك المبروك العادي، حيث إن التصاق البيض على هيئة مجموعات يؤدي إلى نقص كمية الأكسجين مما يعوق عملية فقس البيض ويؤثر بذلك على معدل الإخصاب وعدد اليرقات المنتجة.

ولذلك تمكن العلماء في الآونة الأخيرة من معادلة هذه المواد اللاصقة على سطح بويضات أسماك المبروك العادي، وذلك بغمس البيض المخصب في محلول حامض التنيك (التنين) أو باستخدام المحلول المخصب يحتوي على (يوريا + ملح طعام) بنسبة 1: 10 من كمية البيض أو باستخدام محلول عصير الأناناس بجرعة 1-3% الذي يحتوي على بعض الإنزيمات الهاضمة للبروتين والتي تعمل على تكسير الروابط الببتيدية في القشرة الخارجية لبعض أنواع البيض، وبالتالي يقلل من تكتلات البيض في أقل من ثلاث دقائق دون التأثير على نمو اليرقات او حدوث أي اثار جانبيه وهي طريقه اقتصاديه حيث يكفي   400مل من محلول عصير الاناناس لمعالجه مليون بيضه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى