البنك الأوروبي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد المصري مدفوعًا بقوة القطاع غير النفطي
كتب-محمد اشرف
أصدر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، خلال اجتماعاته السنوية المنعقدة في المملكة المتحدة، تقرير “آفاق الاقتصاد الإقليمي” الذي أبقى على توقعاته باستمرار النمو الإيجابي للاقتصاد المصري مدعومًا بالنشاط القوي للصناعات غير البترولية والإصلاحات الهيكلية الجارية. وتوقع البنك نمو الاقتصاد المصري بنسبة 3.8% بنهاية يونيو المقبل، على أن يرتفع إلى 4.4% في العام المالي 2025/2026.
من جانبها، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك، أن هذه التوقعات الإيجابية تعكس فعالية إجراءات الإصلاح الاقتصادي والهيكلي التي تنفذها الدولة. وأشارت إلى أن الدولة تضع تشجيع الصناعة والصادرات وتحسين بيئة الأعمال على رأس أولوياتها لتحقيق نمو اقتصادي مستدام بقيادة القطاع الخاص.
وفي بيان صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أوضح أن تقرير البنك الأوروبي يتسق مع التوقعات الإيجابية الصادرة عن مؤسسات دولية أخرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. فقد توقع التقرير ارتفاع نمو الناتج المحلي من 2.4% في السنة المالية 2024 إلى 3.8% في السنة المالية 2025، ثم إلى 4.4% في السنة المالية 2026. وعلى أساس سنوي، توقع البنك أن يبلغ النمو 4% في عام 2025 و4.5% في عام 2026.
وأشار التقرير إلى أن النمو قد ارتفع بالفعل إلى 3.9% على أساس سنوي في النصف الأول من السنة المالية 2025 (يوليو – ديسمبر 2024)، مقارنة بـ 2.4% في نفس الفترة من العام السابق، ويعزى ذلك إلى التوسع الملحوظ في قطاعات التصنيع والنقل والتجارة بالجملة والتجزئة. كما لفت التقرير إلى التعافي في قطاع التصنيع بعد فترة انكماش شهدها نتيجة لنقص العملات الأجنبية قبل مارس 2024، في حين أشار إلى انخفاض الناتج في قطاع النفط والغاز، وهو ما تسعى الحكومة إلى معالجته من خلال تسوية المستحقات المتأخرة لشركات الطاقة الدولية.
وأكد التقرير على أن استدامة آفاق النمو تعتمد بشكل كبير على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، خاصة تلك المتعلقة بتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد، بالإضافة إلى الاستمرار في جهود خفض مستويات الدين وتكاليف خدمته. ونوه التقرير إلى المخاطر المحتملة التي قد تواجه الاقتصاد نتيجة لعدم اليقين في السياسات التجارية الدولية.
وعلقت الدكتورة المشاط قائلة: “إن توقعات النمو الإيجابية للاقتصاد المصري تعكس فعالية سياسات الإصلاح الاقتصادي والهيكلي التي تنفذها الدولة”. وأشارت إلى التحسن الملحوظ في مؤشرات الأداء الاقتصادي خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، حيث ارتفع النمو من 3.5% إلى 4.3%، مع توقعات باستمرار هذا النمو ليبلغ 4% في نهاية العام.
وأضافت أن الدولة مستمرة في تعزيز سياسات استقرار الاقتصاد الكلي وضبط أوضاع المالية العامة، والمضي قدمًا في تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية بهدف دعم النمو المستدام وتحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار لزيادة مشاركة القطاع الخاص. وأكدت أن الهدف الرئيسي للدولة هو تحقيق نمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص ويعتمد على القطاعات القابلة للتداول والتصدير.
وتناول التقرير أيضًا انخفاض معدلات التضخم إلى 12.8% في فبراير 2025، وهو أدنى مستوى منذ مارس 2022، مع توقعات باستمرار هذا الانخفاض نتيجة لتشديد السياسة النقدية من قبل البنك المركزي. ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن ارتفاع أسعار الوقود، في إطار التزام الحكومة بتحقيق تعافٍ في التكاليف بحلول نهاية العام ضمن برنامج مدعوم من صندوق النقد الدولي، قد يزيد من الضغوط التضخمية. وعلى صعيد آخر، ارتفع صافي الاحتياطيات الدولية إلى 47.4 مليار دولار أمريكي في فبراير 2025، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من 20 عامًا، مع توقعات باستقراره.
وأكدت الدكتورة المشاط أن توقعات المؤسسات المالية الدولية الكبرى، بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الأوروبي، بزيادة نمو الاقتصاد المصري في العام المالي الجاري والمقبل، تعكس النتائج الملموسة للإصلاحات الهيكلية التي تنفذها الدولة. وأشارت إلى أن هذه الإصلاحات تركز على تحسين بيئة الاستثمار، ودعم القطاع الخاص، وتعزيز مرونة الاقتصاد في مواجهة الصدمات. وأكدت عزم الحكومة على تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام يساهم في خلق فرص عمل حقيقية وتحسين مستويات المعيشة، وهو ما يتطلب استمرار وتوسيع نطاق الإصلاحات، والتحول الاستراتيجي نحو نمو اقتصادي يعتمد على القطاعات القابلة للتبادل التجاري والتصدير من خلال تحفيز الاستثمارات وتوطين الصناعة وتبسيط الإجراءات.