الأضحية: من الذبح إلى الحفظ وفقًا للضوابط الشرعية والصحية
شيرين محمود عبد الحميد بدر
باحث معهد بحوث الصحة الحيوانية معمل فرعي المنصورة-تخصص كلينكال باثولوجي
تمثّل الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، ولها أبعاد دينية، اجتماعية، وصحية، تتطلب وعيًا علميًا سليمًا في مراحلها كافة، بدءًا من اختيار الحيوان، مرورًا بعملية الذبح، ووصولًا إلى مراحل التبريد والحفظ والتعامل مع المخلفات. هذا المقال يقدّم نظرة علمية متكاملة لكيفية التعامل الصحيح مع الأضحية لضمان سلامة الغذاء وحماية الصحة العامة.
أولًا: اختيار الحيوان المناسب للأضحية
يُشترط في الأضحية أن تكون من الأنعام: الإبل، البقر، الغنم (ضأن أو ماعز)، مع توفر المعايير الشرعية والصحية التالية:
- العمر الأدنى المقبول شرعًا:
- الإبل: أكثر من 5 سنوات.
- البقر: أكثر من سنتين.
- الماعز: أكثر من سنة.
- الضأن (الخروف): 6 أشهر، بشرط اكتمال النمو.
- المواصفات الصحية:
- أن تكون الأضحية سليمة من الأمراض الظاهرة.
- لا تعاني من عيوب مثل: الهزال الشديد، العمى، العرج البين، أو تشوهات خلقية.
- يُفضل فحص الحيوان قبل الشراء من قبل طبيب بيطري مختص.
ثانيًا: الذبح وفق الشريعة الإسلامية
عملية الذبح يجب أن تتم وفقًا للضوابط الشرعية:
- النية والتسمية: يجب التلفظ باسم الله: “بسم الله، والله أكبر” قبل الذبح.
- أدوات الذبح: يُشترط استخدام آلة حادة تقطع الحلقوم والمريء والودجين بسرعة لتقليل معاناة الحيوان.
- توجيه الحيوان: يُسن توجيه الأضحية إلى القبلة وتثبيتها برفق دون تعنيف.
- ترك الحيوان ينزف تمامًا: يُمنع البدء في السلخ أو التقطيع قبل توقف الحركة الطبيعية لضمان تصفية الدم كاملاً، مما يقلل من نمو البكتيريا ويُحسّن جودة اللحم.
ثالثًا: أهمية الذبح داخل المجازر المعتمدة
- الفحص البيطري: يتيح الكشف عن أمراض قد لا تظهر ظاهريًا، مثل السل أو الطفيليات.
- البيئة الصحية: توفر المجازر بيئة نظيفة ومزودة بمعدات معقمة تمنع التلوث.
- السلامة البيئية: يتم التخلص من الدم والأحشاء والمخلفات بطريقة صحية وفق المعايير البيئية.
- الحد من الذبح العشوائي: الذبح خارج المجازر يؤدي إلى انتشار مسببات الأمراض وتلوث المحيط الحيوي.
رابعًا: المعاملة بعد الذبح
- عدم الغسل المباشر: يُنصح بعدم غسل الذبيحة بالماء مباشرة بعد الذبح، لأن الماء قد يُسهم في نقل الميكروبات داخل الأنسجة.
- تفريغ الأحشاء: يتم نزع الأحشاء فورًا باستخدام أدوات نظيفة، مع مراعاة عدم ثقب الأمعاء أو المعدة.
- تعليق الذبيحة: تُعلّق الذبيحة في مكان جيد التهوية، مرتفع عن الأرض، بعيد عن الشمس والحشرات.
خامسًا: مرحلة التشميع
- التعريف: هي المرحلة التي تعقب الذبح مباشرة، حيث يحدث تصلب طبيعي للعضلات.
- المدة: تترك الذبيحة من 6 إلى 12 ساعة في درجة حرارة تتراوح بين 15 – 20 مئوية دون تغطية.
- الفوائد العلمية:
- تقليل الحموضة (pH) الناتجة عن تحلل الجليكوجين.
- تعزيز طراوة اللحم وسهولة طهيه.
- خفض معدل تكاثر البكتيريا الهوائية واللاهوائية.
- ملاحظات: يجب عدم تقطيع اللحم أو حفظه مباشرة قبل مرور هذه المرحلة، لأن ذلك يؤدي إلى تيبس اللحم وسوء جودته.
سادسًا: حفظ اللحوم في الثلاجة
- درجة الحرارة: بين 0 – 4 درجات مئوية.
- المدة المثالية للحفظ:
- اللحم الطازج (القطع): 3 – 5 أيام.
- اللحم المفروم: 1 – 2 يوم.
- الكبد والأحشاء الداخلية: يوم إلى يومين فقط.
- نصائح:
- استخدام عبوات محكمة الإغلاق أو تغليف اللحم بورق بلاستيكي مخصص للطعام.
- وضع اللحوم في الرف السفلي لتجنّب تساقط السوائل على أطعمة أخرى.
- تفادي تكديس اللحوم لمنع ارتفاع الحرارة الموضعية.
سابعًا: التجميد والاحتياطات الصحية
- درجة التجميد المثالية: -18 درجة مئوية أو أقل.
- مدة الحفظ حسب نوع اللحم:
- اللحم القطع: حتى 9 – 12 شهرًا.
- اللحم المفروم: حتى 3 أشهر.
- الكبد والمخلفات: حتى شهرين.
- احتياطات ضرورية:
- تفريغ الهواء من الأكياس لتفادي “حروق التجميد” (Freezer Burn).
- عدم وضع كميات كبيرة في كيس واحد.
- ترتيب الأكياس داخل الفريزر مع ترك فراغات لضمان توزيع الهواء البارد.
- لا يجوز إعادة تجميد اللحم بعد إذابته، إلا بعد طهيه حراريًا حتى درجة داخلية75 درجة مئوية.
ثامنًا: التخلص الآمن من المخلفات
- يجب جمع الدم، الأحشاء، والجلود في أكياس مخصصة محكمة الغلق.
- يُمنع التخلص منها في الشوارع أو الصرف الصحي لتفادي انتشار الروائح والحشرات ومسببات الأمراض.
- يجب تسليم المخلفات إلى الجهات المختصة أو نقلها لمواقع التخلص المعتمدة بيئيًا.
- ينصح بتطهير مكان الذبح فورًا باستخدام مواد مطهرة غير سامة للبيئة.
