أخبار وتقارير

«الأسواق المالية 2025» تقلبات وتحديات.. وخيارات الأمان أولًا

كتب-محمد اشرف

في ظل مشهد اقتصادي عالمي يتسم بقدر عالٍ من التقلب وعدم اليقين، تتعرض الأسواق المالية لضغوط متزايدة نتيجة التداخل بين المتغيرات الجيوسياسية والسياسات النقدية المتشددة، وبين موجات التضخم المتلاحقة، وقرارات البنوك المركزية، وتصاعد التوترات الإقليمية، يجد المستثمر نفسه في مواجهة معادلة معقدة تجمع بين ارتفاع مستويات المخاطر وتراجع الفرص الاستثمارية.

وفي هذا السياق، تحدثت الدكتورة حنان رمسيس، الخبيرة الاقتصادية في البورصة المصرية، في حوار خاص مع “هواها بيطري”، عن أبرز ملامح المشهد المالي خلال عام 2025، وسلطت الضوء على التغيرات الملحوظة في سلوك المستثمرين، إلى جانب استعراض الفرص الممكنة في ظل حالة الضبابية التي تسيطر على الأسواق.

– كيف ترين أداء الأسواق المالية خلال عام 2025 مقارنة بالسنوات السابقة؟ وهل حدث تغير ملموس في سلوك المتعاملين؟

بالفعل، هناك تغيرات واضحة في أداء الأسواق. فرغم أن التذبذب كان سمة مميزة في الأعوام السابقة، إلا أنه في 2025 أصبح أكثر حدة، بفعل التأثير المباشر للأحداث السياسية والجيوسياسية، خاصة في منطقتنا، لاحظنا أن المتعاملين باتوا أكثر تحفظًا، ويميلون إلى البحث عن أدوات استثمارية أكثر أمانًا وأقل مخاطرة.

– وهل لا تزال أذون الخزانة تُعد ملاذًا آمنًا للمستثمرين؟

ما زالت أذون الخزانة الخيار الأول لمن يسعى إلى الأمان وتقليل مستوى المخاطر. ورغم أن عوائدها ليست مرتفعة مقارنة بالأدوات عالية المخاطر، إلا أنها تُعد مستقرة ولا تتأثر بالتقلبات اليومية أو بالأحداث السياسية، بخلاف البورصة التي تشهد صعودًا وهبوطًا متكررين. ولذلك، فهي تُعد خيارًا استراتيجيًا في أوقات الأزمات.

– ما الوضع الحالي للتداول في البورصة المصرية؟ وما أبرز سماته؟

التداول في البورصة المصرية يعكس حجم التوتر والقلق السائد في الأسواق. فعلى سبيل المثال، تجاوز متوسط التداول اليومي في بعض الجلسات 5 مليارات جنيه، ما يدل على وجود نشاط قوي، وإن كان مدفوعًا أحيانًا بتقلبات قصيرة الأجل. نلاحظ نمطًا متكررًا يتمثل في صعود السوق لفترات قصيرة، يعقبه جني أرباح سريع، ثم يعاود السوق الارتفاع. هذه الحالة من “المد والجزر” توضح غياب الاتجاه الواضح وتعكس حالة الترقب والقلق بين المستثمرين.

– هل تؤثر الأزمات السياسية بشكل مباشر على أداء البورصات؟

بكل تأكيد. البورصات تُعد من أكثر الأدوات الاستثمارية تأثرًا بالأحداث السياسية، سواء كانت محلية أو عالمية. فالحروب، الأزمات الإقليمية، وحتى التصريحات السياسية، تخلق حالة من القلق لدى المستثمرين، تدفعهم لتقليص تعرضهم للأسهم أو تصفية محافظهم الاستثمارية.
“ولدينا مثال واقعي على ذلك، فبعد الضربات الأخيرة بين إيران وإحدى دول الخليج، افتتحت البورصة المصرية على تراجع تجاوز 7%، قبل أن تشهد تعافيًا جزئيًا خلال الجلسة وتُغلق على انخفاض بنسبة 6.6%. ويُبرز هذا الموقف مدى الحساسية العالية التي تتسم بها الأسواق تجاه التطورات السياسية، لا سيما في منطقتنا التي تشهد اضطرابات متكررة.”

– هل هذا التذبذب مرتبط فقط بالمستثمرين المحليين؟ أم أن هناك تأثيرًا للمستثمرين الأجانب والعرب؟
التأثير مزدوج فالسوق يتأثر بتحركات المستثمرين المحليين، لكنه لا ينفصل عن توجهات المستثمرين العرب والأجانب، الذين يدخلون ويخرجون من السوق وفقًا لقراءتهم لمستوى المخاطر،في فترات تصاعد التوترات السياسية، نلاحظ خروجًا تدريجيًا من السوق، وهو ما يجعل سوقنا من بين أكثر الأسواق تأثرًا بالأحداث، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.

– في ظل هذا الوضع هل تتجه الشركات المالية لتطوير خدماتها لمواكبة المتغيرات؟
بالتأكيد في شركتنا، كما هو الحال لدى العديد من المؤسسات المالية العاملة في السوق، ندرك تمامًا أن متطلبات العملاء تتطور باستمرارلذلك، نحرص على التوسع في تقديم الخدمات الرقمية.
نعمل حاليًا على تطوير تطبيقات إلكترونية تتيح للعملاء تنفيذ عمليات التداول من خلال الهواتف المحمولة، من أي مكان في العالم، بالإضافة إلى تسهيل إجراءات التعاقد عبر اعتماد التوقيع والبصمة الإلكترونية، بما يوفّر الوقت ويُبسط تجربة العميل.

– وهل لديكم خطة لاستقطاب عملاء جدد؟
لدينا خطة استراتيجية مدروسة لاستقطاب شرائح جديدة، خصوصًا فئة الشباب والمستثمرين الأفراد، نركّز على تقديم برامج توعوية ومحتوى تثقيفي يعزز فهمهم لطبيعة السوق، ويساعدهم على تقييم المخاطر واتخاذ قرارات استثمارية مدروسة.

– ما توقعاتكم للأسواق خلال النصف الثاني من عام 2025؟
التوقعات تظل مرتبطة بعدة عوامل، في مقدمتها مدى استقرار الأوضاع الجيوسياسية، فإذا تمكّنا من تفادي أزمات جديدة، فقد نشهد تحسنًا تدريجيًا في أداء المؤشرات، أما إذا استمرت التوترات، فسنظل في حالة من التذبذب والقلق، مما قد يدفع العديد من المستثمرين إلى الاتجاه نحو أدوات الدخل الثابت، مثل أذون الخزانة والسندات، كخيار أكثر أمانًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى