أخبار وتقاريرمقالات

التغيرات المناخية والإنتاج الحيواني قضية العصر والعصور القادمة 2

د. محمد تقي

باحث مساعد بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي مركز البحوث الزراعية

نواصل استعراض بعض التأثيرات التى تحدث للانتاج الحيوانى وهى كالتالى:-

التأثير على توافر الاعلاف

تعانى مصر فى هذه الأونة من مشكلة نقص الاعلاف الحيوانية خاصة فى فصل الصيف حيث تقل فية الاعلاف الخضراء ويؤثر هذا النقص تأثيراً سلبياً ومباشر على صحة الابقار وانتاجيتها، ويظهر ذلك فى صورة ضعف عام وتدنى إنتاج اللبن ويؤثر أيضاً نقص الاعلاف على الحيوانات تأثيراً غير مباشر حيث تضعف المقاومة وتسهل الاصابة بالامراض نتيجة ضعف تغذيتها فى فصل الصيف فنجد أن المشكلة هنا تظهر فى فصل الصيف أما إذا زادت درجة الحرارة على مستوى العام فلا نجد هناك أعلاف مما يتضح لنا أن التغيرات المناخية سوف تؤثر على الزراعة بوجه عام وزراعة المحاصيل العلفية بشكل خاص وذلك نتيجة ارتفاع درجة الحرارة ونقص كميات المياه المستخدمة فى الزراعة فانة سوف يزيد التنافس بين زراعة محاصيل الاعلاف وزراعة المحاصيل الاخرى الخاصة بتغذية الانسان وسوف يحدث تغير لتغذية الحيوان على سبيل المثال فى منطقة شرق افريقيا سوف يتم استبدال زراعة الذرة بمحاصيل أخرى أكثر تحملاً للجفاف مثل السورجم وبالتالى قد يؤدى ذلك إلى إنقراض بعض الحيونات لعدم قدرتها على مؤائمة الظروف الجديدة.

التأثير على المياه الصالحة للشرب

فنجد أنة سوف تزداد أعداد السكان فى الأعوام المقبلة بشكل كبير وسوف يزيد ذلك من التنافس على الماء بالرغم من وجود عجز فى المياه الصالحة للشرب فى الفترة الحالية والتنافس بين الزراعة والسكان والصناعة على ذلك الماء، ونجد أن الابقار تستهلك حوالى 9 لتر ماء لكل 50 كجم من وزن الحيوان ومتوسط البقرة والعجل 136 لتر ماء فى اليوم وذلك فى فصل الصيف وعند زيادة درجة الحرارة من 21.1 الى 35 درجة مئوى سوف يزيد ذلك من احتياجات الماء بقدار 2.5 مرة عن المعتاد وايضاً فان ماشية اللحم تزيد احتياجتها المائية بمعدل 150% عند زيادة درجة الحرارة من 21-32 درجة مئوية ويجب ان يكون هذا الماء خالى من الطحالب ويكون صالح للشرب. وبالتالى فان عدم توافر الماء الصالح للشرب هو الذي سوف يؤثر على الانتاج الحيوانى ولكن ايضاً العجز فى مياه الزراعة التى سوف تؤثر على الاعلاف وتغذية الحيوان والمراعي. لذا سيكون للنمو السكاني والتنمية الاقتصادية إلى جانب أثر التغيرات المناخية تأثيراً كبيراً على توافر المياه الصالحة للشرب في المستقبل. وهذا لن يؤثر فقط على مصادر مياه شرب الحيوانات، ولكنه سوف يؤثر أيضا على إنتاج الأعلاف الحيوانية.

التنوع الحيوي

التنوع الحيوي بما يتضمنه من انواع نباتية وحيوانية متعددة يواجه ضغوطات كبيرة من التغيرات المناخية والبيئية التي نشأت فيها على مر الزمن وإن التهديدات الناجمة عن تغير المناخ على النظم البيئية لا تأتي فقط على شكل ارتفاع في درجات الحرارة وزيادة موجات الحر القاسية وتغيرات في هطول الأمطار، بل إن الحرائق التي تنشأ في الغابات نتيجة زيادة الجفاف وقد اتضح ذلك جلياً خلال ارتفاع درجات الحرارة في الأيام السابقة بالإضافة إلى زيادة أعداد الحشرات نتيجة لتغير الرقعة الجغرافية لانتشارها بالإضافة لزيادة حموضة مياه المحيطات نتيجة ذوبان مزيد من ثاني أكسيد الكربون في مياهها كلها تسهم في التأثير على النظم البيئية. حيث إنه بزيادة درجة الحرارة 2.5 درجه مئوية عما قبل الثورة الصناعية سوف يؤدى إلى تعرض 20-30% من الأنواع النباتية والحيوانية للانقراض.

التأثيرات الغير مباشرة

بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة لتغير المناخ، هناك أيضاً بعض التأثيرات الغير مباشرة والتي من المتوقع أن تؤثر على مربى الإنتاج الحيواني، ومن هذه التأثيرات هو التأثير على صحة الإنسان وزيادة معدلات الوفيات المرتبطة بارتفاع درجة الحرارة والذي قد يصل إلى 150 ألف شخص سنوياً وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية. وهناك علاقة بين زيادة درجة حرارة سطوح البحار مع الإصابة بالملاريا في أميركا الجنوبية، وحمى الوادي المتصدع في شرق أفريقيا، ومرض الإسهال عند الأطفال في بيرو، والكوليرا في بنغلاديش. كما أن عدد الأشخاص المعرضين لعواصف ساحلية سوف يزداد عددهم من 75 مليون شخص الى 200 مليون شخص بحلول عام 2080.

التكيف

هو تعديل النظم الطبيعية أو البشرية تجاوباً مع محفزات مناخية حقيقية أومتوقعة أومع الاثار الناجمة عنها مما يخفف من وطأة الضرر اللاحق بتلك النظم. تحتاج وقائع نتائج التغيرات المناخية الى التكيف الفعال. وتحدث التقلبات داخل التغيرات المناخية بمعدل أسرع من التكيف. وكذلك زيادة التباين بين التقلبات والتكيف سوف تزيد من احتمال سوء التكيف. كما أن منتجي الماشية لديهم طرقهم التقليدية للتكيف مع مختلف البيئات والتغيرات المناخية. وبالرغم من الحالة المعاصرة، زيادة المجتمعات البشرية، التحضر، الازدهار الاقتصادي، زيادة استهلاك الاغذية الحيوانية والتسويق جعلت اليات المعالجة غير فعالة. وهناك عدد من الطرق لزيادة التكيف: –

1-    تعديلات الانتاج- التنوع، التكثيف، التكامل، ادارة المراعي، تربية الماشية وانتاج المحاصيل، تغير استخدام الارض والري، تعديل موعد العمليات المزرعية، الحفاظ على الطبيعة والنظم الحيوية.

2-    استراتيجيات التربية- العديد من السلالات المحلية هى بالفعل متأقلمة مع الظروف السيئة. هذا التكيف لايشمل فقط التحمل الحرارى ولكن ايضاً القدرة على المعيشة، النمو والتكاثر فى ظل ظروف سوء التغذية، الطفيليات والامراض وتشمل اليات التكيف هذه:-

•      تحديد وتعزيز السلالات المحلية التى تكون متأقلمة للاجهاد المناخى المحلى ومصادر التغذية.

•      تحسين الجينات المحلية من خلال التهجين مع سلالات مقاومة للحرارة والامراض. إذا كان التغير المناخي أسرع من الانتخاب الطبيعي، سوف يصبح خطر المعيشة والتكيف للسلالة الجديدة أكبر. وقد ضاعفت مصر جهودها خلال الفترة السابقة في زيادة معدلات التحسين الوراثي عن طريق تهجين السلالات المحلية المتأقلمة مع البيئة المصرية مع سلالات أجنبية ذات معدلات إنتاجية عالية باستخدام نشر التلقيح الاصطناعي في الوحدات البيطرية في ربوع مصر.

3-    استجابات السوق- تحسين السوق الزراعية، تحفيز التجارة الداخلية، خطط الائتمان.

4-    تطوير العلوم والتكنولوجيا- فهم أفضل الاسباب لتفادي تأثير التغير المناخي على الانتاج الحيواني، تحسين السلالات الجديدة، تحسين صحة الحيوان وتحسين ادارة المياه والتربة.

5-    تنمية قدرات مربى الماشية وتفعيل الدور المؤسسي للإرشاد الزراعي- زيادة الوعي لقضية التغيرات المناخية، وتحسين قدرة المربين ومنتجي الثروة الحيوانية فى فهم قضية التغيرات المناخية وكيفيه التعامل معها.

6-    نظم ادارة الثروة الحيوانية- ممارسات التكيف يجب ان تكون ذات كفاءه وفى متناول الجميع حتى يتم تقديمها الى فقراء الريف، الذين ليس لديهم القدرة على شراء تكنولوجيات التكيف الغالية الثمن.

•      توفير الظل والماء للحد من الاجهاد الحراري. ويراعى توفير الماء بصورة مستمرة لان استهلاك الماء خلال الاجهاد الحراري يزيد بمعدل من 20 الى أكثر من 50%، ولابد ان يكون الماء نظيف وصالح للشرب.

•      إيجاد وتطوير مصادر غير تقليدية للحصول على مياه صالحة للشرب.

•      تقليل اعداد الانتاج الحيوانى- الاعداد القليلة وذات انتاجية عالية يودي ذلك الى الانتاج بكفاءه أكبر وقلة انبعاث الغازات الدفيئة من قطاع الانتاج الحيوانى.

•      زيادة تدفق الهواء اعلى الحيوانات وذلك من خلال عمل فتحات أو استخدام المراوح فى ذلك ويمكن ايضاً استخدام رشاشات المياه بصورة تجعل الجسم مندى حتى تلطف من درجة حرارة الجسم.

وفى احدى التجارب وجد ان استخدام نظام الـرش بالماء على الحيوانات ادى الى زيادة انتاجية اللبن.

•      وضع بعض المعادن فى الطعام مثل ملح الطعام لمد الحيوان بعنصر الصوديوم حيث يتم وضع على الاقل 113.5جم/بقرة/يوم.

7-    المحافظة على المراعي الطبيعية وتنظيم الدورات الرعوية وتدريب القائمين بتلك المناطق على طرق إدارة المراعي الطبيعية وحمايتها من الرعي الجائر والتصحر في ظل الظروف الحالية والمستقبلية.

ولقد كان للمعمل المركزي للمناخ الزراعي دوراً فعال والأسبق في توعيه الباحثين والمزارعين لهذه المشكلة من خلال تنظيم العديد من الدورات التدريبيه التى تبين اضرار التغيرات المناخيه وذلك لتحفيز همم الباحثين لاجراء المزيد من البحوث على هذه المشكلة وايجاد الحلول المناسبة للمواجهة. كما قام المعمل بعمل بعض الندوات واللقاءات مع المزارعين والمربين لتوعيتهم بالقضية ومساعدتهم في استخدام الممارسات الزراعية ونظم التربية الأنسب لهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى